responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 151
فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَأْمَنَ مَنْ آمَنَ وَإِنْ لَمْ يَجْتَهِدْ، فَإِنَّ الْمُبْتَدِعَ مُعَذَّبٌ كَالْكَافِرِ، غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ، أَنَّ عَذَابَ الْكَافِرِ أَشُدُّ وَآلَمُ وَأَمَدُّ وَأَدْوَمُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَقْرِيرٌ لِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَإِعَادَةٌ لِبَيَانِ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ: لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتاهُمْ/ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ [السَّجْدَةِ: 3] وَلَمَّا أَعَادَ ذِكْرَ الرِّسَالَةِ أَعَادَ ذِكْرَ التَّوْحِيدِ، فَقَالَ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَوْلُهُ: يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ زِيَادَةُ إِبَانَةٍ، أَيْ مَسَاكِنُ الْمُهْلَكِينَ دَالَّةٌ عَلَى حَالِهِمْ وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ فِيهَا وَتُبْصِرُونَهَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ اعْتُبِرَ فِيهِ السَّمْعُ، لِأَنَّهُمْ مَا كَانَ لَهُمْ قُوَّةُ الْإِدْرَاكِ بِأَنْفُسِهِمْ وَالِاسْتِنْبَاطُ بِعُقُولِهِمْ، فَقَالَ أَفَلَا يَسْمَعُونَ، يَعْنِي لَيْسَ لَهُمْ دَرَجَةُ الْمُتَعَلِّمِ الَّذِي يسمع الشيء ويفهمه. ثم قال تعالى:

[سورة السجده (32) : الآيات 27 الى 28]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (27) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (28)
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ لَمَّا بَيَّنَ الْإِهْلَاكَ وَهُوَ الْإِمَاتَةُ بَيْنَ الْإِحْيَاءِ لِيَكُونَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الضُّرَّ وَالنَّفْعَ بِيَدِ اللَّهِ، وَالْجُرُزُ الْأَرْضُ الْيَابِسَةُ الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا وَالْجُرُزُ هُوَ الْقَطْعُ وَكَأَنَّهَا الْمَقْطُوعُ عَنْهَا الْمَاءُ وَالنَّبَاتُ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ قَدَّمَ الْأَنْعَامَ عَلَى الْأَنْفُسِ فِي الْأَكْلِ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّ الزَّرْعَ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ يَصْلُحُ لِلدَّوَابِّ وَلَا يَصْلُحُ لِلْإِنْسَانِ وَالثَّانِي: وَهُوَ أَنَّ الزَّرْعَ غِذَاءُ الدَّوَابِّ وَهُوَ لَا بُدَّ مِنْهُ. وَأَمَّا غِذَاءُ الْإِنْسَانِ فَقَدْ يَحْصُلُ مِنَ الْحَيَوَانِ، فَكَأَنَّ الْحَيَوَانَ يَأْكُلُ الزَّرْعَ، ثُمَّ الْإِنْسَانُ يَأْكُلُ مِنَ الْحَيَوَانِ الثَّالِثُ: إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْأَكْلَ مِنْ ذَوَاتِ الدَّوَابِّ وَالْإِنْسَانُ يَأْكُلُ بِحَيَوَانِيَّتِهِ أَوْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْقُوَّةِ الْعَقْلِيَّةِ فَكَمَالُهُ بِالْعِبَادَةِ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أَفَلا يُبْصِرُونَ لِأَنَّ الْأَمْرَ يُرَى بِخِلَافِ حَالِ الْمَاضِينَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ مَسْمُوعَةً، ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ الرِّسَالَةَ وَالتَّوْحِيدَ بَيَّنَ الْحَشْرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، فَصَارَ تَرْتِيبُ آخِرِ السُّورَةِ كَتَرْتِيبِ أَوَّلِهَا حَيْثُ ذَكَرَ الرِّسَالَةَ فِي أَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ: لِتُنْذِرَ قَوْماً وَفِي آخِرِهَا بِقَوْلِهِ: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ [السجدة: 23] وَذَكَرَ التَّوْحِيدَ بِقَوْلِهِ: الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ [السجدة: 4] وَقَوْلِهِ: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ [السجدة: 7] وَفِي آخِرِ السُّورَةِ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ [السجدة: 26] وَقَوْلِهِ: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ وَذَكَرَ الْحَشْرَ في أولها بقوله: وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ [السجدة: 10] وَفِي آخِرِهَا بِقَوْلِهِ: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ.

[سورة السجده (32) : الآيات 29 الى 30]
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ أَيْ لَا يُقْبَلُ إِيمَانُهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ الْمَقْبُولَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي دَارِ الدنيا، ولا يُنْظَرُونَ، أَيْ لَا يُمْهَلُونَ بِالْإِعَادَةِ إِلَى الدُّنْيَا لِيُؤْمِنُوا فَيُقْبَلُ إِيمَانُهُمْ، ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ الْمَسَائِلَ وَأَتْقَنَ الدَّلَائِلَ وَلَمْ يَنْفَعْهُمْ. قَالَ تَعَالَى: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ أَيْ لَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست